“عصفور من سوس” للكاتب المغربي محمد أجران: نوستالجيا الطفولة

MOSTAFA CHAAB17 أبريل 2022181 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
“عصفور من سوس” للكاتب المغربي محمد أجران: نوستالجيا الطفولة

 

أخبار الشعب / متابعة

يتكون هذا كتاب ” عصفور من سوس” (91 صفحة /2022/ مطبعة تبوك ) من قصة طويلة من ثلاثة فصول تليها قصة قصيرة بعنوان الصفقة. والنص الأول هو في الحقيقة سيرة ذاتية بنفس القصة القصيرة السردي.
وقد أبدع الأستاذ المتقاعد محمد أجران في سرد قصته الخاصة، فأنت تحسه قريبا جدا وصادقا جدا ومحبا جدا لمدينة تارودانت التي غادرها واستقر بمراكش لكن صلته الوطيدة بها استمرت وأكدها السرد الذي دل على عمق ومتانة الروابط بين الكاتب ومدينته.
يتميز هذا السرد الذاتي بانطلاقه من نوستالجيا الطفولة وهو بذلك ينقلنا إلى تارودانت السبعينات والثمانيات ويفتح لنا قلبه كما يفتح لنا أسرار بيئته الاجتماعية وعلاقاته بأبيه وأمه وعمته واخوته راسما الشخصيات ببراعة. والجميل في هذا السرد أنه يصف شخصيته وكأنه ينظر اليها في مرآة الزمن، مرآة أكسبت صاحبها تجربة ومراسا.
درست عند الأستاذ محمد أجران في التسعينات من القرن الماضي وكان يبدو لي ولغيري بمتابة صندوق أسود فهو هادئ ومنعزل ودمت الأخلاق ومسالم جدا.. ولكن حين قرأته فاجأني بدقة وصفه للصخب النفسي داخله وهو الهاديء الكتوم.. وعبر عن حالته النفسية ومعاناته منذ سن مبكرة من الاكتئاب، كما تحدث بشفافية عن زمن جاهليته : زمن التدخين والخمر وارتياد أماكن اللهو.. وتحدث عن حالته الاجتماعية دون مواربة، عن لحظات الضعف وأزمات الفقر وعن رسوبه ونجاحه ويأسه وحماسه ومشواره الدراسي ثم مشواره المهني وعن الصداقات التي أثرت فيه بما في ذلك علاقاته العاطفية وكما هو معهود في شخصيته فلم يحاول أن يتعالى على الواقع أو يدعي كماله انما كانت هذه السرود في أحيان كثيرة بمثابة اعترافات وبوح بالتقصير وتعبير عن العجز والنقص.
لم يتحدث الأستاذ محمد أجران عن تجربته الروحية بشكل واضح في هذا العمل السير ذاتي لكن دواوينه التي كتبها وأصدرها دلت على نزوعه الديني واختياره للدين كملاذ روحي وفي حفل توقيع كتابه عصفور من سوس عبر عن ذلك بشكل مباشر فقد وجد راحة روحية في أن يلجأ الى الله. ولا اعتقد ان نزوع أستاذنا الديني يكتسي طابعا ايديولوجيا بل أجده استكانة شخص عانى نفسيا وتقدم به العمر وأحب أن يجد انسجاما داخليا لا تعكر صفوه الصراعات النفسية الحادة..خلاصة القول السيد محمد أجران قارب هادئ يتهادى في عرض البحر أتاحت لنا كتاباته أن نكنشف وداعته وروحه الشفيفة الطيبة.
القصة الأخيرة “الصفقة” بدت ملحقة لا يربطها شيء بالنص الأول لكنها كشفت عن الأسلوب السردي للكاتب في عرض مواقف اجتماعية طبقية وادانة تصورات سائدة وكشفت عن الاتجاه الواقعي الذي يتبناه والأهم أننا اكتشفنا من خلالها مهارة جميلة في صوغ الحوارات ترقى بالكاتب إلى درجة سيناريست كبير.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق