المال والفساد السياسي

MOSTAFA CHAAB26 سبتمبر 2020165 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
المال والفساد السياسي

 

اخبار الشعب/محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ.

قلتُ: إن العملية السياسية برمتها في حاجة إلى المال بالضرورة. والإجماعُ منعقد على هذا وهو أمرٌ بَدَهِيٌّ. ولهذا يدخل في مسؤولية الدولة دعمُ الأحزاب السياسية بالمال حتى تمكنَها من مزاولة أنشطتها في إطار القانون وإعطائها دينامية وحيوية بُغْيةَ التأثيثِ الديموقراطي بشكل إيجابي ولتقومَ هذه الأحزاب بالمهمة الأساسية المنوطة بها ألا وهي تأطيرُ المواطنين بكل ما تحمله كلمة (تأطير) من معنى.
الأصل أنّ هذا الدعمَ الماليَ يتم بشفافية ووضوح وبالقانون. أي لا اعتراض عليه ولا مؤاخذة، اللهم إلا أنْ يقال بأن هذا الدعم لا يُعطى بالتساوي بين الأحزاب ولكن يُعطى حسب حاجيات كل حزب وحسب حجمه ومردوديته في الميادين. وهذا منطقيٌّ في واقع الحال ومقنع تماماً… ولكن من شأنه أن يزيدَ كلَّ حزب كبير توَغلاً وانتشاراً، وأن يزيد كل حزب صغير انكماشاً وانحصاراً.
في هذا الخِضمّ بالذات يتسلل المالُ الحرام في جُنْح الظلام وأحياناً تحت نور الشمس ليفعل فَعلته الوسخةَ لشراء الذمم، وتكثير سواد المنخرطين والمؤيدين ليس بقوة الإقناع المسطور في برامج الحزب… ولكن بقوة إيقاع المقهور استغلالاً لإملاقه وفاقته… وهذا هو الفساد بعينه والعبث الخطير بمصير الوطن.
ولطالما رأينا رشوة الموائد الدسمة، والتنافس على ذلك بين كثير من الأحزاب دونما فرقٍ بين إسلامي وليبرالي ويميني ويساري. ثم نتساءل بعد ذلك عن عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية، إلى الحد الذي أصبح فيه هذا العزوف ظاهرة عصيّة. وأصبح إجراءُ الانتخابات من عدمه سيان في لامبالاة شعبية.
ومن أراد الوقوف على المال السحت في التحضيرات الانتخابية بأنواعها فعليه بالنظر في المناطق الفقيرة فهناك يستفحل هذا الفساد ويعمل عمله في المعوزين الذين هم مستعدون لبيع صوتهم بورقة خضراء وما دونها، فضلاً عن الزرقاء وما فوقها. إلا من عصم ربي. وهذا هو تزوير الانتخابات في أجل صوره. وهذا هو الفساد يمشي على رجليه. ثم نتعجب ونستغرب لبرلماني لا يفرق بين الألف الممدودة وعصا الراعي. والأمْرُ الأمَرُّ أن هذا الأمّيَّ يشرّع للأمّة، أو هكذا أريد له وهو لا يدري.
ويحسُنُ بي التذكيرُ في هذا المقام بما جاء في الخطاب الملكي بتاريخ (30 يوليو 2016) بمناسبة ذكرى عيد العرش حيث قال الملك: “محاربة الفساد هي قضية الـدولة والمجتمع، الدولة بـمؤسساتها ، من خلال تفعـيل الآليات القانونية لمحاربـة هـذه الـظاهـرة الخطيرة ، وتـجريـم كل مظاهرها للضرب بـقـوة على أيـدي الـمفـسدين”.
وكتبه محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق