حوار مع د/ م نصر حسين الباحث الأكاديمي و المختص في المنشآت المقاومة للزلازل

Anass Elwardi7 مارس 2023286 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
حوار مع د/ م نصر حسين الباحث الأكاديمي و المختص في المنشآت المقاومة للزلازل

أخبار الشعب.. نزهة الادريسي

بعد زلزال كهرمان مرعش، وفداحة الخسائر التي خلفها في الأرواح و المباني، تملك الشعوب الكثير من الوجل والخوف وتطلعوا لفهم الظاهرة أو على الأقل إمكانية التنبؤ بوقوعها حتى يتخذوا احتياطاتهم والفرار في الوقت المناسب من بطشها، إلا أن الاسئلة بقيت حائرة وعجز أهل العلم عن إعطاء الجواب الشافي، لكن بعضهم قال أن هناك إمكانية للحد من آثارها الكارثية باتخاذ إجراءات معينة.
منهم سيادة د/مهندس نصر حسين الباحث الأكاديمي والمختص في المنشآت المقاومة للزلازل. والذي أجرينا معه هذا الحوار.

_ من المعروف انه لا يمكن التنبؤ بالزلازل لا من حيث الشدة و لا المكان و لا الزمان، لكننا سمعنا بعد زلزال كهرمان مرعش عن العالم الهولندي الذي توقع حدوثه قبل ان يقع بثلاثة ايام، و ذلك بناءا على مواقع الكواكب في السماء.
ما هو تعليقكم على هذا الطرح ؟

بصفة عامة، فان الحديث عن علاقة الزلازل المدمرة بموجات المد البحري و موقع القمر و الكواكب بالنسبة للأرض هو حديث ليس بالجديد، و قد تطرقت اليه هيئات و مؤسسات بحثية و دوريات علمية وازنة على مستوي العالم، و نذكر منها هيئة المسح الجيولوجي الامريكي (USGS) و الجريدة العالمية لعلوم الجيولوجيا (IJG), و خلصت معظم هذه الدراسات الى ان قوة جذب القمر عندما يقترب من الارض قد تؤدي الي حدوث عملية زيادة في اجهادات القشرة الارضية عند الفوالق التي تفصل الشرائح التكتونية على طول احزمة الزلازل.
و هذه النظريات قد تمكن العلماء من حساب الاجهادات الاضافية المتولدة عن اقتراب القمر من الارض و لكنها لا تمكنهم ابدا من معرفة قوة او مكان او زمان زلزال ما، لذلك فان العالم الهولندي فرانك هوغربيتس، و الذي ينتمي الي هيئة تسمى هيئة المسح الهندسي للنظام الشمسي (SSGEOS)، لم يحدد في توقعاته عن زلزال كهرمان مرعش مكانا بعينه، بل منطقة واسعة تشمل تركيا و لبنان و سوريا.
و في رأيي ان مثل هذه النظريات ما زالت في طور البحث و الدراسة المستفيضة، و انه لا يمكننا الاعتماد عليها بشكل كامل الا بعد ان تجتاز العديد من الاختبارات.

_ هل حدوث الزلازل عند بؤرة معينة قد يتسبب في تنشيط بؤر اخري على امتداد الفوالق الزلزالية ؟

هذه حقيقة علمية معروفه، و لكنها تتعلق بالزلازل القوية فقط، فالطاقة الناتجة عن الزلازل الضعيفة لا تستطيع احداث اجهادات اضافية كبيرة في اي نقطة على الفالق القريب او البعيد عنها، اما الزلازل القوية – مثل زلزال كهرمان مرعش – فيستطيع احداث مثل هذا التنشيط عند نقاط اخرى بعيدة عنه، فيما يعرف بظاهرة الانتقال الديناميكي للاجهادات.
و غالبا ما تتميز الاماكن التي يتم تنشيطها بهشاشتها الجيولوجية و بقابليتها لحدوث انشطة زلزالية.
و في هذا الصدد، يجب التفريق بين توابع الزلازل و الزلازل الجديدة، فزلزال تركيا على سبيل المثال تسبب في فالق بطول 200 كيلومتر، و في هذه الحالة فاي زلزال يقع في دائرة نصف قطرها يتراوح من 400 كيلومتر الي 600 كيلومتر فانه يعتبر من التوابع، و ما فوق ذلك فانه يعتبر زلزالا جديدا.

_ ماهي الاماكن الواقعة في الدول العربية المهددة بحدوث هزات ارضية ؟

اوضحت بعض الدراسات العلمية ان حوالي ثلاثين بالمائة من سكان الوطن العربي الموزعين على 22 دولة و البالغ عددهم حوالي 423 مليون، يعيشون في اماكن مصنفة زلزاليا على انها متوسطة الي عالية الخطورة. و تتوزع البلدان المهددة بخطر الزلازل على منطقة شمال افريقيا و شرق المتوسط، و تشمل الجزائر و المغرب القريبتان من خط التقاء الصفيحة الافريقية بالصفيحة الاوراسية و دول مصر و لبنان و فلسطين و سوريا و السعودية التي تجاور خط التقاء الصفيحة العربية مع الصفيحة الافريقية، كما هو واضح في الخريطة .

_ كيف يمكن للانسان ان يحد من الاثار المدمرة للزلازل ؟

يقول الاطباء ان الوقاية خير من العلاج، اما المهندسون فيقولون ان ادارة المخاطر افضل من ادارة الازمات. بمعنى ان الحكومة في اي دولة يجب عليها ان تحصر و تعرف ماهية المخاطر التي قد تتعرض لها البلاد و ان تضع لها خطط محددة للتقليل من اثارها و الحد من تكلفتها البشرية و الاقتصادية، فذلك افضل لها من ان تنتظر وقوع الكارثة ثم تعاني من اهوالها و من حجم الدمار الذي خلفته.
و الحد من أثار الزلازل يشتمل على عدة اجراءات، منها التوعية بمخاطرها و كيفية التصرف وقت حدوثها، و منها فرض القوانين و المواصفات الفنية و المساطر الادارية التي تتعلق بقدرة المباني القديمة او الحديثة على الصمود امام الهزات الزلزالية، كما تشمل ايضا اعداد و تدريب الاطقم المنوط بها انقاذ و تقديم الاسعافات الطبية للجرحى و المصابين جراء حدوث الزلازل.

_ من واقع ممارساتك العملية في مجال تصميم المنشآت المقاومة للزلازل لاكثر من ثلاثين عاما في المغرب، كيف تري استعداد المغرب لمواجهة اخطار الزلازل؟

فيما يخص المواصفات القياسية للبنايات المقاومة للزلازل، فأن النسخة الاولى منها قد صدرت في المغرب في عام 2001، و قبل هذا التاريخ، كان المهندسون يطبقون كود البناء الفرنسي المعروف PS92، ثم قامت الوزارة المختصة باجراء تعديلات على المواصفات المغربية في عام 2011، تم بمقتضاها تحديد عدد من المعاملات الزلزالية التي يستخدمها المهندسون في التصميمات لكل مدينة في المغرب.
و مما يعيب هذه المواصفات هو عدم تطرقها للتصميم الزلزالي للمنشآت الخاصة مثل القناطر و الانفاق و سدود المياه و خزانات المياه و البترول و صوامع تخزين الحبوب و ابراج الضغط المتوسط و العالي و المباني التي تتجاوز 20 طابق و المنشآت المعدنية و الخشبية و المنشآت من الخرسانة سابقة الاجهاد و غيرها كثير. كما ان هذه المواصفات لا تتعامل الا مع المباني في نطاق حد المرونه اما فيما وراء ذلك، فلا يوجد هناك اي بنود في هذه المواصفات، ليرجع اليها المهندسون وقت التصميم.
و حتي المباني داخل حد المرونة، فان المواصفات حددت بعض الشروط التي يجب ان تحترم حتي يستطيع المهندس تطبيق بنود و اشتراطات المواصفات، و التي تعتمد على طريقة القوة الاستاتيكية المكافئة، لكن للأسف، فان هذه الشروط يتم التغاضي عنها او الالتفاف عليها في بعض الاحيان، تحت مرأي و مسمع الجميع.
و لتحسين و تطوير هذه المواصفات، اقترح :
– ان تكون هناك لجنة دائمة لمتابعة التطبيق و التعديل اذا لزم الامر، لكل بنود المواصفات المغربية.
– ان تتولي هذه اللجنة طباعة نماذج استرشادية لكيفية تطبيق بنود المواصفات لكل نوع من انواع الانشاءات على حدة.
– ان تتم اضافة بنود تتحدث عن المستجدات التقنية الهائلة التي حدثت في مجال المنشآت المقاومة للزلازل، مثل اجهزة العزل الزلزالي و اجهزة امتصاص الصدمات.
– ان يكون هناك لكل مدينة مغربية، و بخاصة تلك المدن المعرضة للهزات الارضية، خطة لمواجهة الكوارث، تتضمن توزيع صارم للأدوار بين كل الادارات و المؤسسات و الهيئات، في حالة حدوث كوارث لا قدر الله.
و قد تم الحديث باستفاضة حول هذه الامور، في الدليل الموسع لتصميم المنشآت المقاومة للزلازل، و الذي قمنا بتأليفه في جزاين منذ اكثر من عامين، على امل ان يكون بمثابة لبنه لنقاش مستفيض بين المختصين في هذه المجال.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق