كتابات في زمن ” فيروس كورونا  Corona Virus ” من وراء القضبان : الأمــــــن الروحــــــــــــــــي فـــي زمــــن العولمـــــــــة

MOSTAFA CHAAB9 يناير 2022146 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
كتابات في زمن ” فيروس كورونا  Corona Virus ” من وراء القضبان : الأمــــــن الروحــــــــــــــــي فـــي زمــــن العولمـــــــــة

 

اخبار الشعب /عبد الاله شفيشو / السجن المحلي شفشاون

 

هل صحيح أن العالم انتقل من الحوار بين الحضارات إلى التحالف بين الحضارات مع بروز الأمن الروحي ؟ ،

الأمن الروحي ، هو من المفاهيم الحديثة إذ لم يكن معروفا في التاريخ الثقافي و الفكري الإنساني حتى مع العقود الأربعة الأخيرة خاصة إبان تصاعد موجة زمن العولمة الذي تصاعدت فيه موجة الإضطرابات( اجتماعية، سياسية، اقتصادية، فكرية …) ، فالأمن الروحي جزء أساسي من المنظومة المتكاملة المترابطة للأمن بمفهومه العام و مدلوله الشامل و مضمونه العميق وهو من وجهة نظر علمية أقوى الوسائل المتاحة لإصلاح شؤون العالم و الإسهام في انقاذ الإنسانية مما تتخبط فيه من تراكم و تفاقم الأزمات في ظل زمن العولمة ، فكل المؤشرات العامة في الساحة الدولية تدل على أن المجتمع الدولي يتطلع اليوم إلى فعل مؤثر يهدف إلى تجديد البناء الحضاري الإنساني ليتجاوز تلك الأزمات و الأمن الروحي يبقى في هذه الحالة هو الصيغة الملائمة و القابلة للتنفيذ و قابل لتطوير مفاهيمه في شكل من التفاهم الإنساني و ذلك عبر صيغة تحالف الحضارات .

في زمن العولمة الكاسحة للهوية الماسحة للخصوصيات الثقافية و الحضارية التي تتميز بها الأمم و الشعوب يمثل الأمن الروحي طوقا من أطواق النجاة و سبيلا من سبل التحرر و هو أيضا إرواء للنفس و إنماء للعقل فالنفس البشرية تهفو كلما أتيحت لها الفرصة للانفلات من القتامة و البشاعة التي تطغى على زمن العولمة ، فالأمن الروحي في هذا الزمن يجدد ثقة الإنسان بنفسه و بقدراته للتغيير و البناء و النماء و يضيء قناديل الحب و الأمل و يبدد الظلمة الحالكة التي تحجب الرؤية عن ثقافته و هويته فالسعي لإغراق بلدان العالم في الفوضى بكل أشكالها هو شكل من أشكال الإفساد في الأرض و ضرب من ضروب الفتنة التي تشجع على تفاقم ظاهرة التطرف و الإنحراف و هو ما يتعارض كليا مع الأهداف الإنسانية النبيلة لحوار الثقافات و تحالف الحضارات ، وهكذا يصير زمن العولمة فوضى هدامة و ليست خلاقة كما زعمى منظروها .

من خلال رؤية حضارية إنسانية مترامية الآفاق عالج مجموعة من المفكرين و المثقفين قضية الأمن الروحي في زمن العولمة متطلعين إلى آفاق المستقبل دون الخروج عن دائرة الحوار و التحالف بين الحضارات على اعتبار أن الحوار ليس غاية في حد ذاته إنما هو وسيلة إلى صيغة للتعايش و التفاهم الإنساني و هذه الصيغة هي التي تبث الحياة في الحوار و تجعله ذا فعالية و مردودية ، فالأمن الروحي في جوهره خلاصة لنظرية تحالف الحضارات التي لها صورا متعددة و أوجها تختلف من مرحلة إلى  أخرى حسب تطور الزمن و تجدد القضايا الفكرية و السياسية التي تظهر في سياق التفاعل مع المستجدات و السعي إلى توفير أسباب السلام و التعايش بين البشر .

الأمن الروحي ضرورة من ضرورات انتظام الحياة وطوق النجاة لإنقاذ العالم من مخاطر جمة و لبناء جسور التفاهم و التعاون بين الشعوب انسجاما مع تعاليم الرسالات السماوية و المبادئ الإنسانية لبناء مستقبل آمن لا تنتهك فيه كرامة الإنسان ، و في ضوء هذه الرؤية و على هذا التأصيل العلمي و العملي للأمن الروحي نخلص إلى أن العالم محكوم عليه بالتعايش ، التحاور ، تبادل المصالح ، السعي المشترك لإقرار الأمن و السلم ، بإقامة الجسور لا بهدمها ، نشر قيم العدل و الوئام و بمحاربة التطرف بكل أشكاله لبناء سلم عالمي مشترك وتلك هي الطريق إلى مستقبل تتحالف فيه الحضارات لا تتصارع .

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق