معاناة سياسية

MOSTAFA CHAAB13 نوفمبر 2020212 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
معاناة سياسية

 

اخبار الشعب /وفاء العنزي

حاولوا إضعافي مرارا،حاولوا تهميشي كم مرة،وحاولوا قهري، وحاولوا حتى إذلالي،ومحو شخصيتي من الوجود،حاولوا شل حركتي،لأكون ضعيفة ومستضعفة إلى أبعد حد ممكن بل حاولوا حتى قطع رزقي بطريقة أو بأخرى،لأصبح مطيعة وسهلة المنال،ليتحكموا بي ويشكلوني كالعجينة وقتما شاءوا وكيفما شاءوا ،حاولوا عزلي عن البيئة المحيطة بي،حاولوا أن يتحكموا بي،نشروا الدعايات الكاذبة ضدي وسط أبناء قبيلتي وبين زملائي وأصدقائي، ليجعلوني لا أعرف قيمتي وأهميتي،وحتى أكاد أخجل من نفسي كوني خلقت امرأة،لكني أقول لهم،فخورة كوني امرأة،تجاوزت المحن،تجاوزت التجارب المريرة،وتخطيت العقبات كوني أنثى هو مصدر للفخر،أنثى مستقلة وكل يوم تشرق شمس يوم جديد أشكر رب العالمين أنه أعطاني هذا اليوم ليكون أفضل يوم جديدكله إصرار وقوة ويقين بالله وثقة بالنفس،أعوض نفسي عما حدث لي من حزن،وكنت أتطلع لأن أعالج الجرح قبل أن تداهمني جراح العمر،حيث سيشيب شعري،وتتساقط أسناني،وتنطفئ عيني،وأتطلع قبل أن يحتضنني الفراش فلا أقوى على التخلص من صمته أستسلم إليه مضطرة،ولا أفلح حتى بجر رجلي جرا لأبحث عن الشمس محدقة في الناس وهم حولي وبالكاد أرى وجوههم،إذ يكون شبح الموت واقفا أمامي أعد أنفاسه قبل أن يعد هو أنفاسي،كنت دائما أتطلع لأن أعالج كل جروحي قبل أن تتفاقم أموري ويصبح جسمي وهن ومرتع لكل الامراض.
شعور باللذة والانتعاش يغمرني كوني امرأة، شعور يمنحني إمكانيات غير عادية من تحقيق أعمال ربما يعجز وعجز عنها الرجال،وهذا ليس غرورا مني،إنما الإحساس كوني امرأة تتحول داخلي،تحلم وتتمنى وتصر على النجاح وتحقيق الحلم،لكن أقول أكون المرأة المحبة المتقنة لعملها،أكون المرأة التي تكتب لتهزم أقوى أحزانها، امراة كونت جزء كبير من افكارها من خلال العمل السياسي والنقابي والجمعوي،امرأة تريد أن تترك أثرا جميلا في قلوب الآخرين، فنحن لا نرتب أماكن الأشخاص في قلوبنا،ولكن أفعالنا وممارساتها وسجاياتنا هي التي تتولى ذلك، جميل ان يكون لك أثر طيب بكل مكان،ذكرى طيبة وبقايا عالقة من عطرحروفك وصدقها ، رائع ان تترك أثرا حولك بطريقة كلامك، ضحكتك، أخلاقك وتزرع الخير والأثرة والصفاء والعطاء والتماسك والتآزر والتكافل في طريقك فالخير بالخير،وإذا أردت الرحيل أرحل بأناقة ولا تنزع حبك من القلوب ببشاعةلأن المواقف تعيش بالذاكرة أكثر من الأسماء .
مدركة تماما أني من الصعب علي أن أسبق الزمن،واصمد أمام عالم كبير ورحب وموحش،إن لم أكن قوية وعنيدة،وبرأيي امراة كهذه يجب أن تتسلح بالصلابة وجسد من حديد ،في حين لا يجب أن تتخلى عن أنوثتها، فهي ملزمة ان تتحلى بالرقة والابتسامة والأناقة حتى تستطيع العيش داخل مجتمع كمجتمعي.
وانا بطبيعتي أملك مشاعر جياشة،ومحبة للآخرين، أتصرف حسب مشاعري لكني أبقى حذرة حتى لا أنساق وراء شعوري.
فخورة كوني امرأة، خطفت حق الكلام من الرجال،فقد ولجت عالم السياسة في فترة شبابي،ويا ليتني ما عرفت هذا العالم بالمرة،هو عالم ذكوري بامتياز،عالم جميع الأسلحة متاحة فيه،كانت تجربتي الأولى مع حزب عريق برجالاته كبير بصموده للضربات ومجيد بتضحيات أبطاله، حزب عرف رجالا أفذاذ تركوا بصمة في حياتهم أوفياء لوطنهم وملكهم،أمثال سي عبد الرحمان اليوسفي وسي عبد الرحيم بوعبيد رحمة الله عليهم جميعا.
دخلت السياسة من بابها الواسع مع أبي طول الله في عمره،فتعلمت منه الحكمة والشجاعة،السماحة وروح المغامرة، الحزم والعزم،المنافسة الشريفة والشفافية،فحاولت أن أكون لبقة،حكيمة،فذة،ذكية وجريئة في اتخاذ قراراتي بكل مسؤوليةونزاهة.
فالسياسة فن الممكن،فن يلزمك أن تتخذ لكل مقال مقام الذي يناسبه،وأن تنتقل بين المواقف بكل سهولة وليونة ويسر،فتختار من الأساليب المتناقضة المعاكسة ببديهة وحنكة ودوام محبة في قلوب كل الناس.
لكن هل المرأة قادرة على مواجهة قيود المجتمع التي تعطي للرجل حقوقا وتعتبرها مواطنة من الدرجة الثانية؟
فخلال تجربتي السياسية منذ آخر انتخابات 2015 نجحت كممثلة بالدائرة 10 في جماعة ترابية بالعالم القروي عن حزب وجد الناس فيه انه هو المنقذ لما عرفته الساحة العربية من ثورات شبابية،تجربة لا أقول عنها انها فاشلة ،لكنهاتجربة علمتني مكائد الرجال ومعادنهم ،يقولون عن النساء ان كيدهن لعظيم،واقول على الرجال ان كيدهم لعظيم،قلوب جمعت بين المكر والخبث والحسد .
أرادوا أن أتحول لطفلة مطيعة،ناعمة الملمس،لا تقول لا أبدا، ما عليها إلا أن تصفق للجميع،لا تناقش،لا تجادل،تدخل الاجتماعات وأي اجتماع هذا ،الذي تناقش فيه أمور مصيرية لهموم الساكنة في أقل من نصف ساعة،مع من حسبنا أنفسهم انهم مسؤولون يناقشون أمور المواطنين،هيهات من ان يكون فعلا لهم مسؤولية ،لهم حس وطني ،أرادوا أن يحملوني على ظهري خطيئة العالم ،أرادوا أن أتخلى عن مبادئي، عن أحلامي التي خبأتها عمرا تحت وسادتي في صندوقي السري بين الحلي حيث أخبأ ورقة الرباط المقدس وخاتم زواجي.
لا يدرون اني احمل دائما معي دستور التضحية بل أعلقه فوق رأسي في غرفة نومي ،أقرأه قبل النوم وفي كل صباح”يجب أن أؤمن لعائلتي أسباب الراحة،من جو مريح وبيت نظيف وأكل صحي والأهم من كل هذا درهم حلال”.
وبعدها تأتي مواجهة العالم الواسع الذي يفرض علي الصمود ويمنحني الفرصة لعلها تأتي في آخر درجات السلم حيث أتعثر مرة مرة بثيابي الفضفاضة لدى صعودي أول درجاته نحو الرقي والمواجهة.
لا أواجه كل من احتقرني كوني امرأة،أقول لهم أني عنزية،وانتمي لأكبر العائلات العربية التي امتدت عبر الدول العربية ،أفتخر كوني امرأةمخلصة لذوي اهلي،أحافظ على أسرتي وأضحي من أجل وطني وأفديه بروحي ودمي،وفية لزوجي حتى بعد وفاته،أعيش على ذكراه وأغوص في سرير من الفراغ النفسي والجسدي،بذكرى الوفاءوالخوف من المجتمع،ومن الثرثرة والقيل والقال وحياكة الحكايات المختلفة،……وانتم تعرفون الباقي……
دخلت لحزب جديد أحسست فيه على اني سأكون في مأمن،وأوهموني كما اوهموا الجميع باسم الدين،ينهون عن المنكر ويحاربون كل مفسد،لست خبيرة في التحليل السياسي،ولكن تجربتي المتواضعة مع هذا الحزب الإسلامي جعلني أصادف سياسيين يقولون ما لا يفعلون ،يكيدون المكائد فيما بينهم،كأنهم الإخوة الأعداء، يتربصون لأخطاء بعضهم البعض،فئة مناضلة تعبت حتى اعتلى الحزب المراتب الاولى وفئة تتحكم وتخلق الافتراءات يطبقون سياسة” معي ولا معهم”
صحيح أني لم أكن أعرف أن هذه هي السياسة،لكني ما أعرفه أنني أنتمي لشعب لا يرى الولاء الا تحت قيادة ملكه،واعيش في وطن شامخ برجالاته ونساءه الأوفياء،كنت اظن ان السياسة كلها للعقلاء والمفكرين ولا تصلح إلا لكبار العقل والعمر،ولكن سرعان ما انتابني شعور عن الإعتذار لحسن ظني،فالصورة التي أخذت عن بعض السياسيين هي صورة فعلا مشوهة،سيعودون قريبا لمنصاتهم بخطب باردة وحجج باهتة ووعود كاذبة،وسيتقمصون دور الضحايا،الذين لم يتركوهم ليصلحوا ما أفسد.
هل السياسيه تدبير المكائد، وتشويه الصمعة،وتصفية حسابات،ان كانت هذه هي السياسةفتبا لها وتبا لكل سياسي كان بهذه الأوصاف،ان يكون السياسي كاذب في أقواله وماكر في أفعاله وخبيث في تصرفاته،يبطن ما لا يظهر،ويظهر ما لا يبطن،ويبتسم في موطن البكاء ويبكي في مواطن الإبتسام، عذرا فأنا لا أحب أن أكون سياسية، ولا أحب أن أكون جلادا، ولا أحب أن أكون سوى رقم داخل منظومة سياسية تسيطر عليها العقلية الذكورية الإقصائية، ولا أحب أن أكون فقط لتأثيث المشهد السياسي،ولا أستطيع حتى أن ألبي طلب توفير أبسط حقوق مشروعة للساكنة الذين وضعوا ثقتهم في،وصوتوا لصالحي ،حتى لتبدوا أحيانا ان بعض الممارسات والقيم الاجتماعية الحزبية تعلو على القواعد القانونية،ولا تصل للارتقاءفي الممارسة الديمقراطية،ولعل النصوص والقوانين التي خرجت من رحم دستور 2011 فيها ما يكفي لتكون المرأة موطئ قدم في المشهد السياسي الذكوري،غير أن الواقع يقول شيئا آخر، ويظل حضور المرأة السياسية باهت،فلا زلنا نلاحظ ممارسات تمييزيةفي حقها،في المجتمع وداخل الأحزاب من قبيل تهميش دورها السياسي وحتى النقابي وحتى عندما تقدم في الواجهة يلزمك “باك صاحبي”وتقدم كديكور أو ربح رهان انتخابي،وليس دفاعا عن كينونتها وكفائتها، فهي وإن أخذت مراكز القرار يتم التحكم عن بعد في قراراتها.
اسمحوا لي أبناء قبيلتي،فأنا صحيح منكم ولكم ومعكم ولكني مشلولة،لم أستطع أن أوفر لكم الماء والكهرباء كما وعدتكم في حملتي الإنتخابية، قرابة شهر وأنتم تعيشون في ظلام دامس وانا بهذا لا أصلح بتاتا أن أمثلكم، فأنتم لا تطلبون طرقا ولا اعدادية ولا مستوصف ،وتأتي طلباتكم منطقية وعادية ودستورية،توفير الماء والكهرباء فقط،أوا تظنون أن ممثل سياسي يمثل فئة معينة ولم يستطيع توفير هذه المطالب،جدير ان يبقى على كرسيه،؟فهذا لا يتماشى مع جميع القوانين الدولية والدستورية ،ولا يتماشى مع خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي سبق واكد في خطابه بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لتوليه الحكم”إما أن تقوموا بمسؤولياتكم أوتنسحبوا”
وانا إذ لم أ حل هذا المشكل،أعلن انسحابي من هذا الحزب وأعلن استقالتي نهائيا من الحزب الذي ينتمي له وزير الطاقة والمعادن.
مودتي ومحبتي وفاء العنزي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق