وسائل التباعد الاجتماعي

اخبار الشعب27 مايو 2020326 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
وسائل التباعد الاجتماعي

اخبار الشعب/مراد هاني

الإنسان بطبيعته يصعب عليه العيش وحيدا، لذا فالحكمة الإلهية هي أن جعل الناس شعوبا و قبائل للتعارف و التعايش في مجتمعات تتقاسم مواطن تضم خصوصيات مشتركة تاريخية، لغوية وعرقية مكونة بذلك دولا. مرت العصور و تطورت العهود و الاختراعات فسار العالم بشساعته و امتداد بقاعه قرية صغيرة تتقاسم مختلف الثقافات و مطلعة على سائر المعتقدات و لعل ما سرع هذه الوثيرة هي وسائل التواصل الاجتماعي و الربط الشبكي للأنترنيت. هذه الوسائل التي تعتبر نعمة إذ تقرب الناس و تفتح الشعوب على بعضها و تتقاسم فيها التجارب و تغنى فيها الافكار، و ظهرت قمة أهميتها في ظل الأزمة الصحية التي يجتازها العالم . فصارت منصات التواصل كمدرج جامعي و كفصول المدارس تعطى فيها الدروس الافتراضية و تقام فيها ندوت علمية، ثقافية، و سياسية و برامج توعوية ودروس دينية. و تختلف هذه المنصة من بلد لآخر، فإذا ما كان بلدنا يستعمل بقوة الفضاء الأزرق، ففي دول أخرى تغرد في منصات مختلفة و لكل شعب وسيلته المفضلة و اختلفت الطرق و الوسائل المستعملة و لكن الغاية واحدة طلب المعلومة و تقاسمها، إلا أنه عند اختراع هذه الوسائل قد يكون المراد منها منها تقريب المعلومة و التقارب بين الناس و نشر الأفكار لتعم الفائدة و لتسرع وثيرة التعلم بالاستفادة من تجارب الاخرين، هذا إذا كان الهدف نبيلا و الشعب محصنا بالوعي و التعليم حتى يتحقق ذلك. و قد يتحول ذلك إلى نقمة إذا ما استعمل في زرع المغالطات و الفتن و نشر الإشاعات و إعطاء حرية التعبير لمن هو غير مهيئ لذلك فيصير كمثل المجنون إذا أعطيه سلاحا رشاشا فلا يسلم منه أحد. العديد من الناس من يتاورى وراء حجاب التواصل الاجتماعي فيثير الفتن و يخلق جدالات بنية خبيثة مبيتة و من الاخرين من يقذف أعراض الأشخاص بسداجة و بدون دليل أو يغرر به لذلك، و أما عن النضال الافتراضي فحدث و لا حرج إذ أن شريحة كبيرة أصبحت تتخد من هذه الوسائل منصات للنضال و تعتبر ذلك كاف لتغيير الواقع، و إذا تطلب النضال الخروج للميدان و الدفاع عن القضايا في الساحة و المساهمة المادية لن تجد إلا قلة تعد بأصابع اليد. و كم من واحد يحسب أن تدوينته يقام لها و يقعد و هو في الحقيقة يتوهم ذلك. و لكن الخطير في الأمر هو عندما يلتجأ أشباه الصحافة و السياسيين لمواقع التواصل لتمرير أجندات أو لترويض الرأي العام فذلك خطر بليغ خصوصا أننا شعب عاطفي و ننساق وراء كل ريح كيفما كانت قوة نسيمها. فمواقع التواصل الاجتماعي أصبحت معيارا يقاس به وعي الشعوب و نوعية القضايا المثارة فيه تحدد مستوى الفكر الاجتماعي، و كم فرحنا و نحن نتابع مختلف الندوات العلمية و الثقافية و السياسية منذ بداية الحجر الصحي، و كم زاد حماسنا و أملنا لما الجميع ناقش و استنكر مشروع قانون 22.20 فتوسمنا خيرا و أملا و غذا مشرقا تناقش فيه قضايا المجتمع و الشأن العام و المغرب الذي نريد. و هنا نحن اليوم نأبى إلا ان نعود إلى نقطة البداية لنناقش أمورا تافهة تحجب عنا أولويات أهم، فهاهو مجتمعنا منقسم فيمن يدافع عن الحرية الشخصية و من يدود عن الدين من أجل تصريحات ممثل سكير لا يعي دور القدوة التي يحظى بها الممثل، و آخرون يجادلون في مكانة رجال الدين من خلال كلام ناب صدر عن مهرج يدعي المشيخة و صنع شهرته بفضلنا نحن رواد المواقع التواصلية، و البعض الاخر يطالب باعتقال معلمة فلسفة لم تتعلم فلسفة الكلام و التواصل. و لكن ما إن ترى مثقفي البلاد و سياسييه و نخبه تجادل في نفس المواضيع التافهة تاركة ورش التفكير في أفق المغرب الجديد الذي نحلمه به بمشاريعه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية المنتظرة إلا و أقم خيمة العزاء على صحوة مجتمعية سيبقى قدرها طي الأحلام.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق