اخبار الشعب /
حينما تفعل ما يفعله الآخرون وتمشي على خطاهم وتتصرف كما يتصرفون وتسلك كما يسلكون وتلبس كما يلبسون وتركب كما يركبون دون ذرة تفكير منك ولا تحديد ما هو الصالح والطالح فأنت إمعة .. وحينما تتشدق كما يتشدقون وتضحك كما يضحكون وتغضب كما يغضبون بنفس الأسلوب وبنفس النبرة فأنت بغبغاء.. حينما تنقاد باستسلام وانهزامية وتستنسخ حرفيا كل ما يقوم به الآخرون دون أن يكون لك دور في بناء قرارك فأنت مشروع إنسان فاشل شئت أم أبيت .. تلك عقدة يقع فيها الكثير إما لرغبة للشعور بالانتماء للآخرين ولَم تجد طريقك سوى التقليد أو أنك ترضي رغبة أو نزوة داخلية دفينة وأيا كانت الأسباب فلا تكن عدو نفسك فتأثرك الشديد بالآخرين يجعلك بلا شخصية ولا جوهر ولا مضمون ولن تشعر بالرضا أبدا وستستمر معاناتك لأنك تتعلق بقشور واهية..
قد يتأثر الإنسان بالآخرين وهذا طبيعي فنحن نعي تأثرنا بهم وتأثرهم بِنَا لكن أن يكون ذلك التأثر صورة طبق الأصل فهناك تكمن المشكلة فلقد أصبح التقليد هوسا لمحاكاة الآخرين فذاك الشاب يريد أن يكون نسخة من بنت الوزير وتلك السيدة ترقب بتمعن ما تفعله صديقتها بنت الأغنياء فتراقبها في كل مجالات حياتها حتى في العمليات التجميلية من نفخ وشفط وشد وقص.. وذلك الرجل قد يلجأ للقروض من أجل أن يظهر بمظهر ابن العائلة (الراهي) وهو في حقيقة الأمر لا يمثل سوى (قحطة في مسلسل درب الزلق) حتى العجائز لم يسلمن من التقليد والنظر لما في يد الآخرين فقد صرنا نسمع تلك العجوز تقول (بنسوي بالضبط مثل ما يسوي فلان هم مب أحسن عنا) وهكذا وانت ترخي سمعتك للآخرين أو ترسل نظرتك إليهم ستجد العجب العجاب..
هذا التقليد السلبي لن يجعلك متفردا متميزا بل يجعلك منسوخا من شخصيتك وستظل تشعر بالنقص حتى لو كنت صورة طبق الأصل ممن تقلد.. ستندفع بلا روية ولا تفكير وستفقد ثقتك في نفسك .. ستقلد في كل شي بلا نهج واضح، وأفكار لا تتناسب مع أوضاعك وقيم لا تشبه ما تربيت عليه ومفاهيم لا يتقبلها عقل ولا منطق وعادات لا تمت لعاداتهم بصلة وأوضاع تفعل المستحيل من أجل أن تكونها.. وستظل في لهاث دائم وتعتقد أنك ستغطي نقصك ويطمئن قلبك ولكن تأكد أن ما يحصل سيحصل هو العكس تماما فنفسك لن ترتاح ولن تطمئن لأنك لن تكون ذاتك أبدا فذاتك الحالية قد اقترضتها من الآخرين وصرت هشا وتربط نفسك بهم كشاة مربوطة في قيد يتم توجيهها مثلما يريد صاحبها ..
ب.ز
