الدراما المغربية بين الأمس واليوم

MOSTAFA CHAAB10 أبريل 2022284 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
الدراما المغربية بين الأمس واليوم

 

اخبار الشعب/فؤاد زويريق:

من خلال متابعتي للأعمال الدرامية المغربية الخاصة بهذا الموسم وكذا المواسم التي سبقته، أرى أنها تحولت فجأة وخصوصا في السنوات الأخيرة الى نسخ مشوهة وساذجة من المسلسلات التركية، سواء من حيث المواضيع ولا من حيث التصوير والأداء والمعالجة… تقليد ”صيني مبتذل”، نسخ ”جوتابل”، أي أنها صالحة للفرجة مرة واحدة وبعدها ستُمحى نهائيا من ذاكرتك، هذا إن كان لديك صبر أيوب واستطعت متابعة الحلقات الى نهايتها، لمشاهدة عمل من هذه الأعمال أصبح عليك أن تقوم بصلاة الاستخارة وتنتظر لعل صدرك ينشرح أو ينقبض لتعدل عن المشاهدة نهائيا أو تتابع، أعمال في أغلبها مملة، نعم هناك استثناءات لكن لو وضعناها في مقارنة داخل هذا الإطار دون الخروج عنه.

أعمال مشوهة كالعادة، تفتقد الى الروح المغربية الأصيلة، لا علاقة لها بواقع المجتمع المغربي نهائيا، يغلب على معظمها المشاهد الداخلية بشكل مستفز، فأغلب الأحداث تجري في فضاءات مغلقة (مكاتب ومنازل)، مع العِلم أننا في المغرب كباقي دول العالم لدينا شوارع، وأزقة، وأحياء، ومطارات، ومقاهي … يمكن إقحامها في الأحداث أيضا، ونحن المغاربة -وأقسم على ذلك- نمشي في الأسواق، ونتشاجر في الشوارع، ونتسوق من السوبرماركت، عادي جدا كباقي خلق الله، فمن سيشاهد أعمالنا الدرامية من خارج البلاد سيظن أن المغاربة يغلقون عليهم أبوابهم ولا يخرجون من بيوتهم إطلاقا، كما أن التصوير الخارجي يكسر الملل، وينوع من الايقاع الدرامي، ويعرِّف بالكثير من المناطق سياحيا، حتى لو كانت سياحة داخلية.

استمتعنا في الماضي بالكثير من بالأعمال الدرامية المغربية رغم بساطة التقنيات المتوفرة حينها، لكن الاجتهاد والطموح و”تمغربيت” والثقافة التي كان يتمتع بها صناعها، جعلت منها أيقونات درامية مازلنا نتذكرها الى الآن، فيكفي أنها كانت تُعبر عن واقعنا ونشعر بمغربيتها، هذا رغم ان مواضيعها كانت محصورة في الدراما الاجتماعية ايضا، مازلت أتذكر وأنا طفل أننا كنا نتسابق لمشاهدة مسلسل ”اولاد الحلال” الذي أخرجه محمد حسن الجندي سنة 1986، بل كانت شوارع مراكش تخلو من المارة مع بدء عرضه، والسبب أنه كان يُعبّر عنا بكل بساطة، لا شك أن المغاربة مازالوا يتذكرون أيضا مسلسل ”إنسان في الميزان” الذي انتج سنة 1990 ويحمل توقيع فرقة الوفاء المراكشية، ومن سينسى مسلسل ”دواير الزمان” 2000 للمخرجة فريدة بورقية، الذي نجح نجاحا مبهرا بسبب الإخراج الجميل لمخرجته، والتشخيص القوي لممثليه، وفضاءاته المختارة بعناية، والأهم عمق وتميز السيناريو الذي حمل بصمات كاتب مبدع هو عبدالرحيم بهير الذي خبر دهاليز وتقنيات الكتابة، فسيناريو هذا العمل مقتبس من روايته ”المرأة التي…”، وقد تميز هذا المبدع ايضا في مسلسل ”أولاد الناس” من إخراج فريدة بورقية، وأخيرا وليس آخرا من سينسى مسلسل “وجع التراب” الذي مازال الكثير من المغاربة يتغنون به، رغم انه اقتبس عن الرواية الفرنسية “الأرض” للروائي الفرنسي إميل زولا، لكن من اقتبسه وكتب السيناريو ”مَغربه” وجعل الجمهور يغوص في أحداثه وينجذب لقصته بل ويحفظ أغنيته، والفضل في هذا يعود إلى المبدع شفيق السحيمي.

نعم، هكذا اصبحنا نتحسر على الماضي، ونسخط على الحاضر، والسبب تهميش المبدع الحقيقي، والاعتماد على طباخين كسالى لا يتقنون سوى أكلات الفاست فود من أجل الربح السريع، وبسبب ذلك أصيب فكرنا بمرض السمنة، وأصبحت أدمغتنا متصلبة ومتجمدة بفعل ارتفاع مستوى الدهنيات غير الصحية في أكلاتنا، أقصد مسلسلاتنا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق