اخبار الشعب/محمد أقديم:
الفرق بين قراءة كتاب تاريخ(مصدر – وثيقة – مرجع) حول وقائع تاريخية معينة وبين مشاهدة فيلم أو مسلسل تاريخي حول نفس الوقائع، هو أن المخرج و كاتب السناريو في المسلسل أو الفيلم التاريخيين في حاجة إلى ملء الفراغات المسكوت عنها في المصادر التاريخية من طرف المؤرّخ، فالكثير من التفاصيل الصغيرة وأحيانا العناصر المهمّة والأساسية التي يوليها مُخرج المسلسل والفيلم التاريخيين اهتماما كبيرا وعناية فائقة، كأزياء الشخصيات الرئيسية وأعمارها وخصائصها وملامحها الجسدية، ومسرح الوقائع بمناظرها الطبيعية وفضاءاتها العمرانية، نادرا ما يلتفت إليها “الإخباريون” في المصادر التاريخية، مع العلم أن كل هذه التفاصيل التي تعتبر ثانوية في الكتابات التاريخية، تشكّل مادة أساسية في مشاهد الافلام والمسلسلات التاريخية، وهذا ما يسمح للمخرج وكاتب السيناريو في توظيف خياله الواسع والمبدع في ملء هذه الفراغات، فاللغة المكتوبة وحتى الشفوية، في الكتابات التاريخية و في الأعمال السردية(الرواية -القصة – الحكاية..) تظل عاجزة عن نقل كل تفاصيل الوقائع التاريخية والأحداث مهما كانت قدرة المؤرخ أو الكاتب أو الحكواتي في الوصف الدقيق والتقاط التفاصيل.
فإذا كان كل متلقّي قارئ لكتاب تاريخي (مصدر أو مرجع) أوعمل سردي كذلك( الرواية -القصة..) يوظف خياله الذاتي في تخيّل تلك التفاصيل الصغيرة التي لم يذكرها الكاتب المؤرخ أو الكاتب السارد وفي ملء تلك الفراغات التي يتركها أو لم يلتفت إليها عند تدوينه للأخبار وسرده للأحداث، فإن المخرج أو كاتب السيناريو في المسلسل والفيلم التاريخيين، ينوب عن المتلقّي المشاهد(المتفرج) في تخيّل تلك التفاصيل بتوظيف خياله الخاص( خيال المخرج – السناريست) في ملء تلك الفراغات التي سكت عنها الكاتب المؤرخ في المصادر والمراجع التاريخية والسارد في الاعمال السردية( الرواية – القصة..).