عقارب الزمن..

MOSTAFA CHAAB20 سبتمبر 2022130 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
عقارب الزمن..

 

اخبار الشعب/#عبدالملك_الأغبري:

عقارب الزمن..

 

عقارب الساعة تدق بشكل متزن .. لكنها تعطيني القلق بتلك الدقات ، أشعر أنها تدق وتتحرك بداخل رأسي ، مرت الساعة الأولى والثانية وقلقي يزداد ، اتحامل كي لا أُحِدث فوضى بداخل غرفتي الممتلئة بدخان السجائر بعد أن زارني أحد أصدقائي .. لقد حطمته أوضاع البلاد وواقع الحياة ، أخبرني بأنه يقاوم الحياة بدخان السجائر .. انه يدخنُ بشرهة كأنها وصفةٌ طبية.

قلتُ له : أهكذا تكافح الحياة ؟!

-نعم هي حيلتي فقط.

-اللعنة إذن !!

 

بدأ صبري ينفد .. وبعد لحظاتٍ أخذت كأس الشاي بعد أن شربه صدقي ثم رميت الساعة المزعجة ، فانكسر الكأس مع زجاج الساعة .. لكن عقرب الثوانِ لم يسكت ، نهضت مسرعًا واخذت الساعة من الحائط وقمت بكسرها ورميتها في سلة القمامة في زاوية الغرفة ، انها غرفتي الصغيرة والمظلمة .. انها مظلمة كروحي .. كبلادي ايضًا ، أما وطني فهو مظلمٌ وظالم.

 

ملابسي معلقة على حائط الغرفة وتحتاج إلى غسيل ، وجيبي فارغ لا استطيع الذهاب بها إلى المغسلة .. فكرتُ بغسلها في غرفتي لكن مشروع الماء منقطع ، رفاق السوء الذين يسكنون معي مسافرون في القرية لم يضعوا النقود لشراء وائت ماء ..

سأنتظرهم حتى عودتهم كي نفترق قيمة ماء لتعبئة الخزان ، كلنا بؤساء ، هذه البلاد لم تعد تُطاق ابدًا وطاردة لأهلها وقاتلةٌ للأحلام ، كان الليل قد تجاوز المنتصف .. والنوم شاردٌ عني .. ضِقتُ من الجلوس فخرجتُ اتسكع في الشارع ، الهدوء يعم المكان إلا من ضجيج الشاحنات الكبيرة التي تنقل المازوت والمواد الغذائية للمدينة ، بدأت أشعر أن الشارع يضيق بي فعُدت إلى غرفتي كي أنام ، وقبل أن يدعب النوم عيناي ، فتحتُ هاتفي لأتصفح الأخبار ، وكأي فرد يعيش في بلاد البؤس والضياع لن تصله إلا أخبار قتلٍ وبؤس وحرمان ، والناس تعزي بعضها ، حتى ونحن وحيدون في غرفنا الصغيرة لابد أن يتبعنا الحزن والبؤس إليها .. يطاردنا ويدركنا ولو كنا في بروج مشيدة “كأنه الموت” تمامًا ، يتتبعنا البؤس من خلال هوافتنا التي تأتِ لنا بآخر الأخبار .. “فلا شيء يسر كل الأخبار حزينة” وكل شيء من حولن ايضًا.

الحياة صعبة وقاسية ، والبؤس والحزن لابد أن يتتبعنا وكأنه لم يُخلق إلا من أجلنا ولنا ، نحن الذين جئنا إلى هذه الأرض بغير إرادةٍ منا ، ولا حول لنا بذلك ولاقوة.

 

#عبدالملك_الأغبري

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق