اخبار الشعب/ وفاء العنزي
سلاما على ضحكتك التي لن تفارقني،سلاما على رائحتك العطرة ياسيدة الكون،سلاما على ثيابك الجميلة يا فاتنة عيني أنا،سلاما على وجهك البريئ وروحك المرحة،سلاما على حبك المختبئ بين ظلوعي، سلاما عليك يا كل الدنيا يا زهرة في جوفي……
سامحيني يا أمي،لأني لم أختر الفراق ليكون خليلي ورحلت دون استئذان وما شفيت غليلي،
سامحيني يا أمي،لأني لم أعلمك عن موعد موتي،فقد كنت مشغولة بتجهيز أغراض فرحي ليوم زفافي،لم أعلم انها ستكون آخر مرة أقابلك وأقبلك،أحضنك وأضمك،وأني لأخجل من دمعك لأني رحلت دون وداعك،ولم أوفي بعهدي ووعدي معك، يا حسرتي عليك يا أمي، فأنا والله لم أرضى يوما ان أزف للموت،لكن قضى الله من فوق سبع سماوات وانتهى لقائي بك في الدنيا،لعلي أسأل الله أن يجمعني بك تحت ظل عرشه،وأحضنك عند باب الجنة لندخلها فرحا،فلا تقسين عني كي لا أشعر بغصة من لوعة الفراق فإني ما رحلت عنك إلا لدار المقام،وسأنتظرك في الجنان إن شاء الله.
مسكينة أنا،حملت الأثقال،وكتمت الأقوال، وسهرت الليالي الطوال،فاخترت الشقاء بقربي وكتمت الغيظ بفؤادي،وأهديت نفسي أجرا زهيدا ،وأهدرت سنين شبابي مدفونة في سرداب،كابدت لأجل حياة أفضل وعيشة كريمة، تنهشني الألسن والأضافر و حتى الأفكار عند كل خروج لي في الصباح،مكافحة صامدة شامخة منتصبة القامة أمشي وسط الرجال،
ألبسني العوز ثوب الرجال وأفقدني طعم شبابي وحتى أنوثتي،مسكينة انا،بحث عن لقمة مرة مغمسة بالوحل،في قبو سرداب،فدفنت حية فيه سرا،ودفنت ميتة سرا أيضا، اه عليكن يا اخواتي ثم اه عليك يا أمي،فما نحن سوى ضحايا عنف اقتصادي لا ذنب لنا فيه ،أبكيكن قهرا وغلبا وضيقا وخيبة
أسطر أحرف حبي لكن من دماء قلبي،وأبدا لن أنساكن،وكيف أنساكن وقد كبرنا واحتمينا واختبأنا وارتوينا من نفس اليد،مسكينة أنا،أجبرت على لعب دور البطولة في مسلسل درامي ،سلطت الأضواء علي ولم أحضر ولو حلقة من حلقاته،بطلاته انا واخواتي ،ولم نحضى بفتات الالتفات ،إلا بعد أن غرقنا ليس في البحر كسائر الغرقى، بل في قبو قالوا عنه سري ،أعتذر لك أمي، . فلا تفجعيني بلوعتك وامسحي دمعك فوالله لأنفاسنا المختنقة هي بمثابة حبل مشنقة، على رقاب حماة الوطن الفاسدين، وأني استودعك يا الله أمي فاحميها وأرني العافية في جسدها واحفظها بعينك التي لا تنام وارزقها صبر المؤمنات ،فقد ثكلتنا أمنا التكول نحن البنات الأربعة،ولم يبقى معها الا انت سبحانك وتعالى،فاللهم أجرها في مصيبتها واخلف لها خيرا منها.
ابنتك الشهيدة
و الله ان العين لتدمع و القلب ليخشع و إنا على فراقكم لمحزونون