حين أطلق أخنوش النار على قدمه

MOSTAFA CHAAB21 أبريل 2022120 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
حين أطلق أخنوش النار على قدمه

 

اخبار الشعب /المصطفى بن الراضي:

أمس قدّم الأمين العام للعدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، مرافعة شرسة و”مؤذية” ضد رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
لا يخفى أن بنكيران ترك مسافة معقولة من اتخاذ موقف سياسي مصرّح به بشأن حكومة أخنوش، وهو يرفض دعاوى رحيله التي قيّم أن صداها ترددّ حتى في بعض النوادي المعروفة بـ”الولاء” أخنوش خلال الاستحقاق الانتخابي الأخير، وذلك بعد أسابيع من تشكيل حكومته وتعيينها، ليخلص بنكيران إلى ضرورة الاحتياط من هذه الدعوات واستيعابها.
إلى حدّ ما، كان بنكيران، بحسب ما يظهر، مستعدا للصمت أطول وقت ممكن على ما يعتبرها “كوارث” حكومة يبدو أنها سجينة مقاربة مقاولاتية لشؤون الدولة. ولربما كان يستثمر في الوقت وهو يشاهد أخنوش يمدّد في الحبال حول عنق حكومته على أمل أن تكون سببا في خنقه دون شدّ أو تدخّل من البيجيدي أو غيره، مادامت الحكومة تحمل في ذاتها كل بذور فشلها، بحسب الظاهر، ومادامت البدايات مؤشرات على النهايات، والخواتيم بنات المقدمات، وبداية حكومة أخنوش تكاد تكون مخيبة للآمال (حتى لا أطلق حكما أقسى).
بنكيران أمس خرّب أخنوش (نفسيا) وهو يسخر منه بكثير من العبارات (راه مبقيتش رئيس حكومة ديالك آ فلان.. راه رئيسك هو جلالة الملك) (واش متيق أنك ربحتي الانتخابات؟) (ماعليش زيّر شويش ونوض تخدم راك باقي تدرّب..) (معنديش مشكل تجي تستاشرني ونقولك آش دير) (معرفتش واش خصك تعتاذر (بخصوص قضية الغاز) ولا شنو تدير)….
بنكيران أمس أظهر أنه، ورغم كل شيء، يترك الباب لأخنوش ليشتغل بكل حرية من حيث يقسو عليه. وهو هنا بمكر سياسي يورّطه، مادام يتركه بلا معارضة صريحة يمكن أن يتهمها بالتشويش على حكومته والشغب على إجراءاتها، كما حرمه من صوت يمكن أن ينبّهه إلى أخطائه ضمن سبل التقويم المكفولة ديمقراطيا في أي ممارسة سياسية تقوم على أغلبية حكومية تدبّر الشأن العام، ومعارضة تراقب وتساهم بشكل ما في تجويد القرار السياسي.
بصيغة أخرى، بنكيران بصمته كان يحرم أخنوش من ميزة المعارضة ويتركه عرضة للنهش في شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، ويسحب منه ما يمكن أن يشتكي منه لو كان بنكيران، في وقت مبكّر، قرر الخروج فاص لحكومة أخنوش. لكنه كَمَنَ له إلى اللحظة التي حاول فيها رئيس الحكومة (الخروج عن النص).
لكن أمّ الكوارث وغير المتوّقع هو أنّ أخنوش حرص بنفسه، في سقوط مريع في التقدير، على استدعاء بنكيران، ليعلّق عليه وحده، في تبرئة لنفسه، وضعا اجتماعيا ملتهبا. ومن أفتى على أخنوش هذه الاستراتيجية جنى عليه. لماذا؟
أخنوش يمكن أن يربح لو قرر تجاهل (تفادى) بنكيران وركّز في مهامه، وبنكيران كان حاسما حين نبهه قبيل الانتخابات أنه (معندوش الكاباري). وفعلا معندوش باش ممكن يلعب ف تيران بنكيران. كما عاد بنكيران أمس لينبهه أن خصوما شرسين وأقوى لم يصمدوا، فضلا عن أن يحاول أخنوش مجاراة أمين عام العدالة والتنمية في ملعب السياسة والبوليميك.
وبنكيران أيضا خرّب أخنوش سياسيا، ورماه بحجر ثقيل على رأسه، و(من لحيتو لقّم ليه)، في قصة الغاز.
أتصوّر أن طرح أخنوش لهذا الموضوع من بناتِ أفكاره بعدما أخذته الحماسة (مني تطلق ليه اللسان). أما لو كان فتح الموضوع باتفاق مع فريق عمله في إطار “استراتيجية هجوم” فحريّ به أن يصرف هذا الفريق، لأنه “ورّط” نفسه، وبنكيران أجاد، بمكر السياسي المدرّب، وتجربة رجل الدولة السابق العارف بخبايا بعض الأمور، (أجاد) تصوير أخنوش في وضع غير مريح في علاقته برأس هرم السلطة، أي الملك.
مداخلة أخنوش البرلمانية أمس كانت مهووسة ومنشغلة بافتعال خلاف مع البيجيدي دون أن يكون من سيشعل الشرارة الأولى قادرا على التحكم في نطاق الاشتعال، وبنكيران أمس نفخ في الشرارة ليجعلها حريقا وهو يقصفه بقصة الغاز الجزائري.
مداخلة أخنوش كان يمكن أن تنشغل بإجابة المغاربة عما يشغلهم، وبالطمأنة، وبالشرح الدقيق لمجمل الأوضاع والسياق الدولي، وبالإجراءات التي يمكن القيام بها لاحتواء التداعيات اجتماعيا واقتصاديا، ومصارحة الناس وتفهيمهم على أمل تفهّمهم، لكن اختار أن يسيّس المناسبة بشكل عاد عليه بنتائج عكسية لا يمكن تقييم أضرارها.
أما بنكيران، فلا يمكن بأي حال أن ينفض يده من كل الكوارث التي تسبّب بها في حق المغاربة بقراراته، التي ساهمت في تسمين أخنوش وغيره، ثم يأتي ليقول إن تعامل بـ”حسن نية” وهو يعتقد أنه ستكون هناك منافسة بين شركات المحروقات. الدولة لا تسيّر بحسن النوايا، ولا باستغباء الناس. وفي بعض كلام أخنوش عن مسؤولية حكومة العدالة والتتمية جانب من الصواب، على كل حال.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق