اخبار الشعب / نزهة الإدريسي
منذ زمن طويل تستعمل كلمة ( مُناخُ ) بضم الميم للتعبير عن الأحوال العامة لأجواء الطبيعة أو الأجوء والأحوال السياسية أو الاقتصادية و الى ذلك من أحوال عامة تخص جوانب متنوعة من الأنشطة أو التخصصات . وهي غربيا مصطلح ( climat ) وتستعمل لنفس الأغراض المذكورة لما لاستعارة الكلمة من دلالات تسعفنا في توصيف الكثير من الحالات تشابه الطبيعة في التنوع والتقلبات وإن كان كل في مداره
وبما أن معاني الكلمات العربية تختلف و تتغير بتغير حركات حروفها فإن كلمة ( مُناخُ ) يتغير معناها كليا عندما ننصب ميمها و نونها ( مَناخ ) لتصبح تعبيرا عن عملية الإناخة وهي تركيع و إجلاس الإبل
والمكان اسمه ( المَناخ )
وقد تلقف الإعلام العربي هذا المصطلح كما استعمله السياسين والمسؤولين و الزعماء العرب في خطبهم و كلماتهم الرسمية دونما تدقيق في حقيقة معناه ظانين انهم يعبرون عن الأحوال العامة لسياساتهم ومبادراتهم الرسمية و تعاملهم مع شعوبهم ، لكن وكما قال المثل ” رب صدفة خير من الف ميعاد ..”
فالمتتبع لسياسة العرب سيجد مصطلح ( مَناخ ) هو الأنسب لتوصيف سياستهم وأحوال شعوبهم ..
ففي معاني الكلمة بالمعجم العربي
ِ
أَناخَ الجَمَلَ : أَبْرَكَهُ
أَناخَتْ بِهِ الْمُصيبَةُ : أَصابَتْهُ، حَلَّتْ بِهِ أَناخَ بِهِ الذُّلُِّ
أناخ عليه البؤسُ بكَلْكَلِه: ثقُل عليه وضغط
أَنَاخَ به البلاءُ والذُّلُّ: حَلَّ بِهِ ولَزِمَه
فما أثقل هذه المعاني على المحيطة بهم !!
علينا ان نعترف اذن ان ( المُناخ ) السياسي العربي هو في الحقيقة ( مَناخا ) لسياسات عقيمة تستهدف التركيع والإذلال كما هي مركعة و مذلة ، تحيط بها المصائب من كل جانب ، تأخرت عن ركب الحضارة والرقي تماما كما الابل التي حطت حمولتها وأبركت لتنتظر من يسوقها بحمولة اخرى لا تدري ممن والى من المهم أنها جاهزة دائما لتحمل المزيد من الضغط و الثقل و الإذلال بصبر لا تحسد عليه
فالى متى ستظل السياسة العربية تراوح مكانها في هذا ( المَناخ ) اللعين ؟!
ومتى تنفض غبار الذل و المهانة وتنطلق لتعانق ( مُناخا )أرحب يتمتع بما يتناسب مع تلك الأجواء التي تحلم بها شعوبنا تتنفس فيها نقاوة العيش و عزة الكرامة ؟؟ .ُ
بقلم نزهة الإدريسي
المملكة المغربية
