الخطابات السرية في تاريخ الديبلوماسية المغربية

MOSTAFA CHAAB11 أبريل 2022140 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
الخطابات السرية في تاريخ الديبلوماسية المغربية

 

اخبار الشعب/
الخطاب بالإشارة في المراسلات المغربية “مقتطف من حوار مع الدكتور عبد الهادي التازي”
نقلنا المؤرخ المغربي، الدكتور عبد الهادي التازي، في كتاب دونه على هامش موسوعته الشهيرة حول التاريخ الديبلوماسي للمغرب، إلى خبايا الخطاب بالإشارة في المراسلات المغربية التي لا تخلو من طرائف ومستملحات، وتجسد صلة الوصل بتراث يستعمله المغاربة في كافة مناحي حياتهم اليومية، ملتزمين بالمثل الذي وضعه أسلافهم منذ مئات السنين، والقائل “الحر بالغمزة والعبد بالدبزة”، وهو مثل “وقفت شخصيا على أنه لا يخص فقط المعاملات اليومية للأفراد، بين أفراد الأسرة الواحدة، والأصحاب، ولا المراسلات الأدبية الغنية بأمثلة الكلام المرموز، بل يشمل المجال السياسي، الذي يعد مرتعا خصبا للخطابات المشفرة .
”من البديهي أن المغرب له باع طويل في الديبلوماسية الدولية، “بل هو مدرسة عتيقة في تاريخ العلاقات الدولية، ومن ثمة وجدنا اسمه بارزا في كل منعطف من منعطفات السياسة العالمية، ووجدنا مساهمته الفعالة واضحة في كل الأحداث التي صنعت تاريخ القارات”،
لم يشأ الدكتور التازي، في هذا الإطار، الخوض في المعاهدات والاتفاقيات وأساليبها وطرق توثيقها وإحكامها، ولا عن المواصلات والمخابرات، من حيث مادتها وأغراضها، بل قصد عمدا التطرق إلى نوع خاص من المخاطبات، “يتعلق الأمر بالرسائل التي كانت تكتب بواسطة الرموز والأشكال المتفق عليها بين المرسل والمرسل إليه، وتقرأ أيضا، حسب ذلك المتفق عليه، وأعني “التعمية وكشف المعمَّى”، أو ما يصطلح عليه في لغة العصر ب “الشّيفرة”، يقول التازي.
وجد الباحث حينها، أن هذا النوع من الخطابات شكل جانبا من الجوانب المشرقة في تاريخ الديبلوماسية المغربية، “فهو تقليد متوارث، له أصول تضرب في جذور التاريخ، إذ فكر الإنسان قبل مئات، إن لم أقل قبل آلاف السنين، في طريقة لنقل المعلومات منه إلى من يريد أن تقتصر عليه تلك المعلومات، فسمعنا عن حالات معينة للإغريق والرومان والفرس والصينيين والمصريين القدامى، إلا أنها كانت مجرد حالات لم تتبع بدراسات، عكس العرب الذين كانوا سباقين إلى وضع الأسس الأولى للترميز و “التَّعمية” وقدموا أمثلة حية لِما سَنُّوه من قواعد، فقد انطلقت الأمة العربية منذ فجر الإسلام، عبر الجزيرة العربية، في اتجاه العالم الفسيح بين سمرقند والمغرب وعبر الشام وآفاق العراق وفارس ومصر والأندلس، في تأسيس أرضية للخطابات السرية التي كانت تتداولها، سيما أن الأقطار العربية غنية بلهجاتها واختلاف لسانها”.
وبخصوص المغرب، ذكر المؤرخ المغربي أن استعمال الشيفرة في دياره أتاح الاطلاع عن ومضات مضيئة تزيح الحجاب عن مدى اهتمام الملوك المغاربة بأمر هذه المخاطبات التي كانوا في حاجة إليها. فبلاد المغرب، وبحكم موقعها الجغرافي الذي جعلها على صلة بعدد من الممالك المطلة على حوض البحر المتوسط من جهة، وجعلها على صلة مستمرة بالمشرق وممالك إفريقيا، دفعها إلى إحكام أسس إنشاء الدولة، وفي صدر هذه الأسس تنظيم الاتصالات وإتقان طريقة المخاطبات بين الإدارة المركزية وسائر ممثليها في أطراف البلاد.
ولم يكن ليغيب عن ذهن الحكام المغاربة، في هذا الإطار، أن بلادهم نتيجة لموقعها، ستكون مقصدا للجواسيس الذين يلتقطون الأخبار ويتتبعون الهنات، فغير خفي أنه منذ ظهور الدولة المغربية، عهد الأدارسة، والساحة المغربية تشهد العديد من المناورات والمؤامرات التي تحاك ضد الملوك من أقصى البقاع. “كل هذا كان حافزا جعل الحكام يفكرون في ابتكار وسائل خاصة بهم للمخاطبات لا تدخل في إطار المخاطبات المعتادة”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق