لقاء تواصلي تكويني لفائدة السادة الأئمة المرشدين والمرشدات بحضور السادة أعضاء المجلس، في موضوع: “الإطار المنهجي للعقيدة الأشعرية” بمقر المجلس

MOSTAFA CHAAB5 ديسمبر 2020356 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
لقاء تواصلي تكويني لفائدة السادة الأئمة المرشدين والمرشدات بحضور السادة أعضاء المجلس، في موضوع: “الإطار المنهجي للعقيدة الأشعرية” بمقر المجلس

 

اخبار الشعب/سعيد الكرين

عقد السيد رئيس المجلس العلمي المحلي بعمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي الدكتور عبد الله الشرقاوي لقاء تواصليا تكوينيا لفائدة السادة الأئمة المرشدين والمرشدات بحضور السادة أعضاء المجلس، في موضوع: “الإطار المنهجي للعقيدة الأشعرية” بمقر المجلس يوم الخميس 17 ربيع الآخر 1442هـ موافق 03 دجنبر 2020م .

وقد مر اللقاء في احترام تام للإجراءات الاحترازية الوقائية للحد من انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد 19)

ملخص اللقاء:

هذا اللقاء التكويني ارتكز على تفعيل القيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام في تدين المكلفين بالعقيدة والعبادات، من أجل الرقي بتفكير المكلفين وترشيد سلوكهم بكسب مهارات الألفة في الدين، والقدرة على تدبير الاختلافات المعتبرة بين أهل العلم. حتى لا تتخذ المبادئ وشعارات الالتزام بالدين وسيلة خداع للأغرار. فيؤدي ذلك إلى الخلل في الموالاة والمعاداة بسبب اتباع الهوى الذي يزكي التفرقة. لأن كل خلاف ورث بين المؤمنين العداوة والبغضاء ليس من الدين. وقد جعل الشاطبي هذا الأصل مقياساً لضبط ما هو من أمر الدين وما ليس منه فقال: (فكل مسألة حدثت في الإسلام فاختلفت الناس فيها ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة علمنا أنها من مسائل الإسلام. وكل مسألة طرأت فأوجبت العداوة والتنافر والتنابز والقطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء. وأنها التي عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير الآية وهي قوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا }( الأنعام: 159 ) فيجب على كل ذي دين وعقل أن يجتنبها.. فإذا اختلفوا وتقاطعوا كان ذلك بحدث أحدثوه من اتباع الهوى. وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف. فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين). (الموافقات 5/163 )

ويكون ذلك بسبب التركيز على الأحكام الجزئية المفصولة عن أصولها الحاكمة، وتسيد المنهج العقدي على الأحكام الفقهية لغياب الفهم الشامل للدين الذي يربط الجزئيات بالكليات كما قال الشاطبي رحمه الله في ضرورة النظرة الكلية للشريعة (فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها وعامها المرتب على خاصها ومطلقها المحمول على مقيدها ومجملها المفسر ببينها إلى ما سوى ذلك من مناحيها فقد حصل للناظر من جملتها حكم من الأحكام فذلك الذي نظمت به حين استنبطت…فشأن الراسخين تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضا كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة واحدة. وشأن مبتغي المتشابهات أخذ دليل ما، أي دليل كان عفوا، وأخذا أوليا، وإن كان ثَم ما يعارضه من كلي أو جزئي، فكأن العضو الواحد لا يعطي في مفهوم أحكام الشريعة حكما حقيقيا، فمتبعه متبع متشابه، ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ كما شهد الله: “وَمَنَ اَصْدَقُ مِنَ اَ۬للَّهِ قِيلاٗۖ”) (الاعتصام ص/178) كما قال تعالى:(فَأَمَّا اَ۬لذِينَ فِے قُلُوبِهِمْ زَيْغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنْهُ اُ۪بْتِغَآءَ اَ۬لْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَاوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعْلَمُ تَاوِيلَهُۥٓ إِلَّا اَ۬للَّهُۖ) (آل عمران، الآية: 7.)

والبلسم النافع لهذا القصور يبدأ من التقصيد الأخلاقي في العقيدة والعبادات في سلوك المسلم. للحيلولة بينه وبين التلبس بما يشجع على العداوة في الدين. لأن الارتباط بثوابت القيم، تجعل المسلم متعدي النفع بتجاوزه الصلاح إلى الأصلح. فحينئذ تنتقل الأمة من حال الكلالة والتهميش إلى اللياقة الخلقية التي تجعل المكلفين يمزجون بين القيم الدينية والاجتماعية في نسق حضاري متزن شعاره توحيد الخالق والإحسان إلى الخلق في إطار التعاون على البر والتقوى وترك التعاون على الاثم والعدوان. كما قال تعالى: ” وَتَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لْبِرِّ وَالتَّقْو۪يٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لِاثْمِ وَالْعُدْوَٰنِۖ” وقد جمع الله سبحانه وتعالى وحدة القيم التي تعطي للأمة اللياقة الخلقية في قوله: ” لا خَيْرَ فِے كَثِيرٖ مِّن نَّجْو۪يٰهُمُۥٓ إِلَّا مَنَ اَمَرَ بِصَدَقَةٍ اَوْ مَعْرُوفٍ اَوِ اِصْلَٰحِۢ بَيْنَ اَ۬لنَّاسِۖ وَمَنْ يَّفْعَلْ ذَٰلِكَ اَ۪بْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اِ۬للَّهِ فَسَوْفَ نُوتِيهِ أَجْراً عَظِيماٗۖ ” (سورة النساء 114) .

وهذه اللياقة الخلقية التي تحث على التعاون الإيجابي في هذه الآية تولد في المكلفين الطاقة الروحية للانضباط بالقيم. لتحمل المسؤولية. والتخلص من عدم الفاعلية والدوران في المصالح الشخصية. ويؤكد هذا المنحى. قول النبي صلى الله عليه وسلم: ”على كل مسلم صدقة” قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: أرايت إن لم يجد؟ قال: ”يعمل بيده، فينفع نفسه ويتصدق” قال أرايت إن لم يستطع؟ قال: ”يعين ذا الحاجة الملهوف” قال: أرايت إن لم يستطع؟ قال: ”يأمر بالمعروف أو الخير” قال أرايت إن لم يفعل؟ قال: ”يمسك عن الشر فإنه صدقة” هذه هي الفاعلية الحقة للتقصيد الأخلاقي للحث على التضامن في أداء الواجبات فتجعل مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل. حتى لا ينحصر التدين العقدي في عالم الغيب الذي رسمه نقاش المتكلمين الذي يشجع على التصنيف العقدي الذي انتقلت عدواه إلى الأحكام الفقهية وتعبأ به المجتمعات للتوظيف السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. فتتحول الشعائر التعبدية إلى الصرامة الشكلية. وتنتشر العقلية الفردية في الفقه.

مع أن العبادات في الكتاب والسنة وفعل الصحابة ومن تبعهم بإحسان مرتبطة بالقيم الاجتماعية. فالصلاة هي من أعظم العبادات قرنها الله عز وجل في كتابه بالزكاة. بل خص الله سبحانه وتعالى سورة في كتابه لهذا الربط بين تعظيمه وتوحيده والإحسان إلى خلقه بالمزج بين القيم الدينية والاجتماعية. قال تعالى: ”اَرَٰٓيْتَ اَ۬لذِے يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَٰلِكَ اَ۬لذِے يَدُعُّ اُ۬لْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَيٰ طَعَامِ اِ۬لْمِسْكِينِۖ فَوَيْلٞ لِّلْمُصَلِّينَ اَ۬لذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ اَ۬لذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ وَيَمْنَعُونَ اَ۬لْمَاعُونَۖ ” (سورة الماعون)

*** على هذا الأساس تناول هذا اللقاء قضية الاختلافات في منهج العقيدة والأحكام الفقهية في إطار القيم لتجنب اتخاذ العقيدة معولا لهدم وحدة الامة بسبب الخلط بين الإيمان المؤسس على الأدلة القطعية. والعقيدة التي طورها علماء علم الكلام التي تغلب عليها الافتراضات الغيبية. قال الحافظ بن عبد البر ما غاب عن العيون فلا يصفه ذووا العقول إلا بخبر، ولا خبر في صفات الله إلا ما وصف نفسه به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فلا نتعدى ذلك إلى تشبيه أو قياس أو تمثيل أو تنظير. فإنه ليس كمثله شيء وهو السمع البصير. (التمهيد 5/ 156 بتحقيق بشار عواد.) لذلك التزم السلف التفويض في الكيفية في المتشابهات.

وأثر تلك الاختلافات العقدية يتجلى في التصنيف العقدي في الاختلافات الفقهية في العبادات وغيرها، ويترتب على ذلك مواقف سلبية تشجع على العداوة والبغضاء بين أبناء الدين الواحد والبلد الواحد والوطن الواحد والمجتمع الواحد بالدعوة إلى تكفير المختلفين، وكل ذلك بسبب قراءة الفقه بالمنهج العقدي الذي يستخدم في التصنيف للمخالفين ويتحول بذلك الخلاف الفقهي المعتبر إلى العناد العقدي.

من أجل وحدة الأمة اختار المغاربة العقيدة الأشعرية لجمعها بين العقل والنقل على سواء السبيل. ***

كما ذكر ابن عساكر أن أبا الحسن القابسي وهو من كبار أئمة المالكية بالمغرب سئل عنه فقال وعلموا أن أبا الحسن الأشعري لم يأت من هذا الأمر إلا ما أراد به إيضاح السنن والتثبيت عليها ودفع الشبه عنها. (التبين ص 117)

وقال العز بن عبد السلام: إن عقيدة أبي الحسن الأشعري اجتمع عليها الشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة. وقال ابن فرحون أثنى على أبي الحسن الأشعري أبو محمد بن أبي زيد القيرواني وغيره من أئمة المسلمين. (الديباج 2/24)

ولخص أبو زهرة منهج الإمام أبي الحسن الأشعري فيما يلي:

1-إنه يرى أن يأخذ بكل ما جاء به الكتاب والسنة من عقائد ويحتج بكل وسائل الاقناع والإفحام.

2-إنه يأخذ بظواهر النصوص في الآيات التي يظن أنها توهم التشبيه فهو يعتقد أن لله يدا لا تشبه يدي المخلوقات.

3-إنه يرى أن أحاديث الآحاد يحتج بها في العقائد وهي دليل لإثباتها وقد أعلن اعتقاد أشياء تثبت بأحاديث الأحاد.

4-إنه في أرائه كان يجانب أهل الأهواء جميعا ومنهم المعتزلة ويجتهد في ألا يقع فيما وقع فيه كثير من المنحرفين.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق