مراكش .. مقبرة حي أزلي تعاني التهميش وفوضى في التسيير، بل أضحت مرتعا للمتسكعين والمتسولين ومجالس لتبادل كؤوس الخمر.

Anass Elwardi28 أكتوبر 2022370 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
مراكش .. مقبرة حي أزلي تعاني التهميش وفوضى في التسيير، بل أضحت مرتعا للمتسكعين والمتسولين ومجالس لتبادل كؤوس الخمر.

أخبار الشعب .. محمد شيوي

بعد صلاة المغرب يوم الخميس 27 أكتوبر الجاري، وانا جالس بمقهى رياض المنارة/أزلي، بتراب مقاطعة المنارة جليز، فإذا بجنازة رجل تمر من أمامي محملة على الأكتاف قاصدة المقبرة، دفعني الموقف الإنساني إلى أن أشارك الجنازة مراسم الدفن، فصاحبت الجنازة اتجاه المقبرة، وعند المدخل كانت الطامة الكبرى.

إن حالة المقابر يمكن اتخاذها مؤشرا على مدى تحضر الشعوب وتجذر القيم الإنسانية في نظرتها للكون والحياة والإنسان. وسواء كانت هذه المقابر تنتمي إلى المشهد الحضري في المدن أو إلى المشهد القروي في البوادي، فإن ثمة مقاييس ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار حين إيواء هذه المقابر في المجال العام. لا يعقل بأي حال من الأحوال اعتبار المقابر مجالا “ميتا” لمجرد أنه يأوي “الموتى”، بل جزءا “حيا” من المشهد العام داخل البوادي والمدن، بما يمكن أن نطلق عليه اسم “المقابر المَشَاهد”، وهو مفهوم يدخل في إطار تدبير المقابر ضمن إستراتيجية محكمة ومتكاملة لإعداد التراب وتأثيث المجال .

لذا يجب النهوض بتدبير المقابر بإشراك جميع الأطراف المعنية كجمعيات حقوقية، مدنية، فعاليات المجتمع المدني والمجالس البلدية، وذلك في مجال حماية المقابر وتدبيرها، إذ تقرر المجالس أن: من بين الأمور التي وقف عليها الأمر، بمناسبة استكمال التحريات، الحالة السيئة للمقابر وهنا نتحدث عن مقبرة حي أزلي المتواجدة قرب دوار الحرش بجانب سور المطار، حيث يتم الدفن في معظمها بدون نظام دقيق، بل الطامة الكبرى الجثث تدفن فوق بعضها وحتى في الممرات وبين القبر والقبر، كما أن العديد منها لا تتوفر على سجلات للدفن ولا على نظام حراسة، وحتى من أعطته المسؤولية شخص منحرف لا يحترم حرمات الموتى، ومما زاد الطين بلة أن المقبرة لا تتوفر على الماء والكهرباء مما يجعل الموتى تدفن على إضاءة الهواتف النقالة ليلا، وهو ما يتطلب إشراك جميع الفرقاء من مجالس منتخبة وسلطات محلية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للتداول في الموضوع وتحديد معايير للعناية بالمقبرة السالف ذكرها أو المقابر المتواجدة بالعاصمة السياحية مراكش بصفة عامة، والنهوض بتدبيرها.

إن فكرة تدبير المقابر فكرة مفتاحية ومفصلية ينبغي تمثلها من أجل بعث روح جديدة في مقابر المسلمين وفق رؤية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الجانب الوظيفي للمقابر من الزاوية الدينية والروحية وأيضا بعدها الجمالي الذي وجب أن تتبوأه داخل الفضاء العام.

يسود اليوم في مراكش وخصوصا منطقة أزلي، اعتقاد عام – تبرزه المشاهدة والمعاينة – أن المقابر في بلادنا تعاني إهمالا كبيرا على جميع المستويات، حيث أضحت مرتعا للمتسكعين والمتسولين ومجالا لرمي القمامة ونمو الأعشاب العشوائية، مما يشوش بحق على مقاصد المقابر المتمثلة في الترحم على الموتى في جو مفعم بالخشوع والصفاء الروحي، وكمجال للتأمل والاستلهام يرتاده المبدعون وهواة الخلوات التأملية.

ولا شك أن الحالة المزرية للمقابر في مراكش، لا تسمح لها بأداء أدوارها الوظيفية… ولا يخفي المسؤولون المباشرون عن تدبير مقابر المسلمين استياءهم من الحالة المزرية التي آلت إليها المقابر في البلاد ، فالوضعية المزرية التي توجد عليها غالبية مقابر المسلمين عبر تراب المدينة، ولا سيما المتواجدة بمنطقة أزلي. يجب حث مجلس مقاطعة المنارة جليز على الاعتناء بالمقبرة، بتنظيمها وصيانتها والمحافظة عليها، ومن أجل الإنقاذ وإعادة الاعتبار تقتضي عملا وصفيا وتحليليا مبنيا على معطيات ميدانية ومقاربة سوسيو- أنثربولوجية تسعى إلى فهم علاقة الإنسان المغربي اليوم بالمقابر وكيفية تعامله معها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق