الصفعة

MOSTAFA CHAAB14 أبريل 2022159 عدد المشاهدات مشاهدةآخر تحديث :
الصفعة

 

اخبار الشعب/محمد عبدالجليل الازدي/كلية الآداب / جامعة القاضي عياض:

يعرف جميع مستعملي لسان العرب أن الصَّفْع: الضَّرْبُ عَلَى الخَدِّ بِكَفِّ اليَدِ مَبْسُوطَةً.
ويعرف جميع مدمني المسلسلات التلفزية أن عبارة العنوان: الصفعة، تشير ضمن مستوى أول إلى مسلسل تلفزي مصري عرض في رمضان عام 2012م؛ وقد تم فيه استلهام قصة من ملفات المخابرات المصرية تتحدث عن عملية وقعت في تل أبيب بين عامي 1957 و1972.
تتمفصل أحداث المسلسل حول حرب مخابراتية تبدأ حين تقاطع الوضع الوضع العربي مع الامبريالية، أي التقاطع الذي ترتبت عنه هزيمة يونيو/ حزيران 1967؛ تدور رحى تلك الحرب بين ضابط مخابرات مصري يجسد دوره الممثل القدير هيثم أحمد زكي، وآخر إسرائيلي يجسد دوره الممثل اللامع شريف منير. ضابط المخابرات الإسرائيلي ولد في مصر. هنا يطرح المسلسل فكرة الانتماء للأرض التي يولد فيها الإنسان ثم يتحول إلى عدو لها…
هكذا، ومن خلال رحلة بطولية حقيقية، نرى واحدة من إنجازات المخابرات العامة المصرية وكيف استطاعت الاستفادة من أخطاء الآخرين ومواجهة هذا التيار.

ويعرف متصفحو كتب التاريخ أن إضافة صفة العثمانية إلى كلمة الصفعة، تغدو معها عبارة العنوان: الصفعة العثمانية. وهي واحدة من التقنيات العسكرية القديمة للدفاع عن النفس، ويبدو من اسمها أنها تقنية كان يتدرب عليها الجيش العثماني لاستعمالها بعد وقوع سلاح الفرد في المعركة؛ وتؤدي هذه الصفعة إلى الموت والنشور. وقصد إتقانها، كان الجنود يتدربون على الرخام لزيادة قوة راحة اليد.
وتقول المصادر التاريخية إن “أول” من قام بتلك الصفعة الصدر الأعظم العثماني حافظ باشا (1564 – 1631م) في عهد الخليفة مراد الرابع.

ويتذكر الجميع الشاب داميين (ت) البالغ من العمر 28 عاما والذي صفع بقوة الرئيس إيمانويل ماكرون خلال جولة في منطقة دروم جنوب شرقي فرنسا.

لكن ما لا يعرفه مستعملو لسان العرب والمدمنون على مسلسلات التلفاز وكتب المؤرخين والنشرات الإخبارية أن وردان بن آوى الكلب تلقى صفعة على صدغه الأيمن في الشارع العام أمام الملأ وأمام جراءه. صفعته حليلته وردانية. حاول المصفوع أن يتماسك برغم ارتجاج صدغه. بدا كأنه يقاوم ليقوم. غير أنه – لفرط قناعاته – بالعبر الموروثة عن أزمنة الوأد، أدار لها خذه الأيسر؛ فباغثته بصفعة ثانية تراءت له معها النجوم في عز النهار. فتهاوى صريعا فوق الإسفلت في رأس المنعطف المؤدي نحو مطعم “بجكني” في جليز.
ويقول شهود عيان إن وردانية ضبطت وردان الكلب متلبسا في واضحة النهار يتلصص على مؤخرة جسد مكتنز مر بمحاذاتهما. بل إنه لم يكتف باستراق النظر، وإنما كان يأكل بعينيه قافية الشابة العابرة والتي لا عهد بمثيلاتها ضمن قوافي الشعر العربي، بما فيها تلك التي دبجتها أنامل مجانين شعر الغزل العذري. ومن المحتمل جدا أن هذه القافية المتعنترة العابرة فوق رصيف جليز فيها شيء من بهكنة طرفة بن العبد البكري التي كان يقصر بها أيام الدجن تحت خباء معمد.

ومن الأكيد أن “السيدة” وردانية لا تعرف طرفة كما لا تعرف الشعر العذري وقوافي الشعر العربي، ولكنها تعرف تمام المعرفة أن كلبها وردان ضليع في تشمم المؤخرات واقتفاءها وملاحقتها، وأن كلبها ابن أبي ضبيعة الكلبي اعتاد التكالب مثل الضباع على الجيفة والميتة وكل ما عافته السباع. ولم تكن هذه النازلة سوى القطرة التي أفاضت إناء ذكرياتها المؤسية مع وردان والقوافي النسائية؛ بل إنها تذكرت للتو حادثة اغتصابه جروة مبتدئة وحملها وإجهاضها. عملية الإجهاض سهر عليها المنحرف النرجسي وأدى ثمنها. وباركها زيطة الولائمي المنذور للفظاعات وصناعة العاهات. بل إن المنحرف النرجسي حرص على التباهي بصنيعه الإجرامي في هذه النازلة؛ مثلما حرص أن تعمل عاهراته وناذلاته المتدكترات إلى إبلاغ وردانية بكل ما جرى… وها هو وردان يحتذي سيرة المنحرف النرجسي ساعيا نحو تأسيس جمهورية من العاهرات المتدكترات واللحي الكلبية الآثمة، مستعينا بضبع آخر يهوى النيكروفيليا والبيدوفيليا والسحاقيات والمخنثين…

وهكذا يا سادة يا كرام.. لم تكن تلك الصفعة الجيليزية وليدة لحظة اقتفاء مؤخرة عابرة، بل كانت تعبيرا عن حقد أسود تراكم عبر السنين. هذا مع تأكيد شهود عيان أن هذه الصفعة ليست يتيمة، بل هي نقطة فقط من سيل عرم من الشتائم والصفعات التي يعرفها الرائح والغادي فيما وراء الجبيلات وفيما وراء مزابل حربيل….

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • نزهة الإدريسي 14 أبريل 2022 - 12:25

    قصة رائعة.. أصابت الهدف !!

اخبار عاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق