اخبار الشعب/ احمد بوزيد
أحد الأنداد الشامخين شموخ وجوه السلالة الذين عاكستهم كتب التاريخ و شموخ الإرادة العظيمة التي تتلبس الذاكرة الأمازيغية الجريحة التي ما إن تشعرك بخفائها أمام الهيمنات المتعاقبة و ريح المحو حتى تنهض لترنو إليك من أحياز أخرى ، أحد الصاعدين من مغارات هذا الليل الطويل ، ليس للكردي غير الريح كما قال درويش وليس ليوبا غير ذاكرته و قلبه الكبير و محبته الفائضة التي يغمر بها إيقاعات المراقص و رقصات قرى الأطلس المنسية و ٱهات الزنوج و سردياتهم الفاجعة ، حين يستضيفها في أثره الموسيقي و حين يمنحها أجنحة العبور إلى أرض الأخر .
كل شيء يعد في بلاد هرمان هيتسه و كارل ماركس بالنسيان ، كل شيء كان سيمنحه جذوره و يمده بأسباب الحياة في مخيلة هذا الجنوبي وهو على أرض تعيش زمنها و تعيش قرنها الواحد و العشرين و تتوثب من زمن الحداثة بعد أن أمنت لأهلها ما يكفي لترميم الذاكرة بالصفح إلى أزمنة ديونيزوس ، غير أنه لم يدر ظهره لأمكنته الأولى ، لأن الدم الذي يسير في نسوغه ، وديعة من ودائع أونامير الذي بلغ الجنة في الميثات و بلغ عشبة الخلود و ماءه ، فتلبسه الحنين إلى قريته و لم تصل منه غير قطرة دم وحيدة ، لم يقض لي أن ألتقي هذا الوجه من قبل ، و حين قدرت الحياة ذلك ، التقينا في طاولة ذات غروب بقرية مزغالة – مسقط رأس الموسيقي عموري مبارك – إذ أتى من ألمانيا ليحيي ذكرى نبع هادر و استثنائي ، و في ذلك فائض اعتراف لكن أيضا درس ينبه الغافلين أن النضال فعل يومي يبدأ بنوتة موسيقية أو لطخة على لوحة تشكيلية أو كلمة على بياض ورق ، و ينتهي إلى المحبة و الاعتراف فذلك ما ينقص هذا العالم الذي يسير إلى الهاوية .